يواجه قطاع المعالجات المساعدة المعتمدة على الإثباتات المعرفة الصفرية تحديًا مباشرًا يتمثل في ارتفاع التكلفة وبطء عملية توليد الإثباتات. فعلى الرغم من التقدم الملحوظ في أبحاث التشفير وتطوير الأجهزة، لا تزال عملية توليد الإثباتات المعرفة الصفرية للعمليات الحسابية المعقدة تستغرق دقائق أو حتى ساعات في بعض الحالات. يمثل هذا التأخير عقبة أمام التطبيقات التي تتطلب تفاعلًا آنياً، مثل الألعاب اللامركزية أو التداول عالي التردد. ومن جهة أخرى، تفضي زيادة حجم الدوائر إلى ارتفاع الحاجة للذاكرة، وهو ما يحد من قدرة شبكات الموثقين اللامركزية أو الأجهزة ذات الإمكانات المحدودة.
وتبرز عقبة إضافية في مدى توافر البيانات وإمكانية الوصول إليها. إذ تعتمد المعالجات المساعدة غالبًا على بيانات تاريخية من البلوكشين أو مصادر خارجية، ويستلزم ضمان صحة هذه البيانات بشكل موثوق إضافة طبقات من التعقيد. فإما أن تلجأ الأنظمة لإثباتات ميركل أو لمزودي بيانات موثوقين أو لحلول هجينة تحقق التوازن بين اللامركزية والعملية. وفي ظل غياب حلول قوية تضمن نزاهة البيانات، تضعف القيمة الجوهرية للإثباتات المعرفة الصفرية.
إلى جانب التحديات التقنية، يُبطئ التبني نتيجة ارتفاع حاجز المعرفة اللازمة للمطورين. إذ يتطلب تطوير تطبيقات المعالجات المساعدة المعتمدة على الإثباتات المعرفة الصفرية الإلمام بالتشفير، وتصميم الدوائر، واللغات البرمجية المتخصصة مثل Circom وNoir. ورغم الجهود الرامية لتبسيط هذه الجوانب التقنية، إلا أن النظام البيئي لا يزال يفتقر لأطر عمل موحدة ومواد توثيقية متكاملة. ونتيجة لذلك، يتركز التطوير في أيدي نخبة من الفرق المتخصصة.
وتلعب الاعتبارات الاقتصادية دورًا مهمًا كذلك. فحتى بعد تحسين عملية توليد الإثباتات، تظل الموارد الحوسبية المستهلكة كبيرة. وتلجأ أغلب المشاريع إلى خدمات إثبات مركزية لتقليل الأعباء، لكن ذلك يستدعي افتراضات ثقة تتعارض مع جوهر التحقق اللامركزي. ويتطلب التحول إلى شبكات إثبات لامركزية اعتماد آليات تحفيز وتنسيق عال المستوى، إلى جانب المزيد من البحوث حول آليات التوافق الفعالة الخاصة بتوليد الإثباتات.
تُعد الإثباتات العودية إحدى أبرز التوجهات البحثية الواعدة لتجاوز إشكاليات القابلية للتوسع. فبفضل إمكانية تضمين إثباتات ضمن إثبات واحد مختصر، تستطيع الأنظمة العودية ضغط العمليات الحسابية المعقدة في إثبات وحيد، ما يتيح بناء تطبيقات أكثر تعقيدًا دون ارتفاع تكلفة التحقق بشكل طردي. كما تسمح هذه التقنية بالتحقق المتدرج أو المستمر من العمليات الحسابية المتدفقة، وهو أمر جوهري للتطبيقات الفورية.
وتبرز أيضًا نزعة دمج تعلم الآلة مع الأنظمة المعرفة الصفرية، المعروفة باسم تقنيات zkML، إذ تتيح هذا الدمج التحقق من نتائج خوارزميات الذكاء الاصطناعي دون كشف تفاصيل النماذج أو بيانات التدريب. ومع تعمق ارتباط الذكاء الاصطناعي بالبلوكشين، بات من المرجح أن تغدو المعالجات المساعدة المدعومة بـzkML عنصرًا رئيسيًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي القائمة على حفظ الخصوصية.
وتشهد تقنيات التسريع عبر العتاد تطورًا سريعًا أيضًا، حيث أدت تصميمات FPGA وASIC المحسنة للعمليات التشفيرية المتقدمة إلى تقليص الزمن اللازم لتوليد الإثباتات. وتوفّر الشركات المتخصصة في بناء أجهزة ZK حلولًا ذات كمون منخفض وسرعة إنتاجية عالية، لا سيما في القطاعات المالية والألعاب.
يتجه قطاع البلوكشين إلى اعتماد بنى معيارية تسمح بتخصص كل مكون في جانب معين مثل التوافق، توافر البيانات، التنفيذ، والتحقق. وتنسجم المعالجات المساعدة المعتمدة على الإثباتات المعرفة الصفرية تمامًا مع هذا التوجه بصفتها محركات متخصصة بالتحقق والعمليات الحسابية. كما أنها قادرة على خدمة عدة سلاسل بلوكشين في آن واحد، وتوفر مركزية محايدة للتحقق من صحة البيانات عبر الشبكات وتنفيذ الحسابات الخارجية المعقدة.
ويتيح هذا النظام المعياري مرونة للأنظمة البيئية للنمو مستقلًا. فالمعالج المساعد المصمم لتحليلات البيانات القابلة للتحقق يمكن ربطه بسهولة مع العديد من الشبكات التجميعية أو السلاسل المتخصصة، دون الحاجة لتعديلات مخصصة. ومع انتشار حلول الـRollups وتنامي الحاجة للتوافقية، تبرز المعالجات المساعدة كلاعب محوري في الربط بين الأنظمة المختلفة.
توفر المعالجات المساعدة القائمة على الإثباتات المعرفة الصفرية فرصًا واسعة أمام المطورين والباحثين سواء من حيث المسار المهني أو التمويل. ويشهد الطلب على الخبراء في مجال التشفير المعرفي الصفري نموًا سريعًا، في ظل تقديم جهات مثل مؤسسة إيثريوم وPolygon وzkSync منحًا نشطة للأبحاث والتطوير في هذا التخصص. كما أضحت الهاكاثونات المخصصة للتقنيات المعرفية الصفرية أكثر شيوعًا، ما يتيح للمنضمين الجدد فرصة اكتساب الخبرة والتعريف بقدراتهم.
ويتاح لرواد الأعمال استكشاف مجالات بناء شبكات معالجات مساعدة متخصصة، أو حلول وسيطة لإثبات البيانات، أو أدوات تطوير تيسر دمج تقنيات الرؤية الصفرية في التطبيقات القائمة. كما يترقب المستثمرون هذا المجال عن كثب بوصفه قاعدة أساسية للجيل الجديد من التمويل اللامركزي والتوافق المحفوظ للخصوصية والتواصل بين الشبكات.